للبكاء والدموع التى تذرفها العين مكانة عظيمة عند الله تعالى وهو شأن الصالحين
وحال المتقين فكانوا بكائين وعيونهم تذرف الدموع خوفاً من الله تعالى،
فمراقبة الله تعالى توجب خشيته وخشيته توجب البكاء ،
وإن من أسباب الفلاح والنجاح في أمور الدين والدنيا أن يصارح الإنسان نفسه ولا يلتمس لها الأعذار
حتى لا يفاجئه الموت ثم يندم وحينها لا ينفع الندم.
وفضل البكاء من خشية الله عظيم فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:
(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله وذكر منهم:رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)،
ويحدثنا الدكتور محروس عبد الجواد أستاذ الحديث بجامعة الازهر قائلاً:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقى الناس لله واشدهم خشية فهو القائل :
"انى اخشاكم لله واتقاكم له" وكان عليه الصلاة والسلام بكاء فى المواقف التى تؤثر
فى النفس وهذا ليس مظهراً من مظاهر الضعف بل علامة على صدق الاحساس وقوة العاطفة
فقد بكى النبى عندما استشهد جعفر بن ابى طالب فى غزوة مؤتة فذهب الى
بيته ودعا ابناءه ومسح على ظهورهم ، وهاهى الدموع تذرف على خد النبى صلى الله عليه وسلم
عندما كان يقف بين يدى مولاه يناجيه حيث يصف احد الصحابة ذلك المشهد فيقول
رأيت رسول الله وفى صدره أزير كأزير المرجل من البكاء ، وأيضاً كان رسول الله يدعونا
الى قراءة القرآن والبكاء عند تلاوته "اقرأوا القرآن وابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا".
وقد بكى النبى خوفا على أمته عندما قرأ "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك انت
العزيز الحكيم "ثم رفع يديه ودعا "اللهم أمتى أمتى"
ثم بكا بكاءً شديداً ، فإن العين التى تبكى من خشية الله تعالى رغبة ورهبة لا تلج
بعيدة كل البعد عن عذاب الله وأنها تتساوى بذلك مع العين التى باتت
تحرس فى سبيل الله قال رسول الله
"عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله ".
اعلم أن الخشية من الله تعالى التي يعقبها البكاء لا تأتي ولا
تستمر إلا بلزوم ما يلي والاستمرار عليه:
التوبة إلى الله والاستغفار بالقلب واللسان حيث يتجه إلى الله تائبا خائفا قد امتلأ
قلبه حياء من ربه العظيم الحليم الذي أمهله وأنعم عليه ووفقه للتوبه،
ترك المعاصي والحذر كل الحذر منها صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها فهي الداء العضال
الذي يحجب القلب عن القرب من الله وهي التي تظلم القلب وتأتي بالضيق ، التقرب لله بالطاعات من
صوم وصلاة وحج وصدقات و أذكار وخيرات.
دائماً تذكر الآخرة والعجب كل العجب أخي وأختي أننا نعلم أن الدنيا ستنتهي وان المستقبل الحقيقي
هو الاخره ولكننا مع هذا لا نعمل لهذا المستقبل الحقيقي الدائم.
قال تعالى: ( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ
يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً )الاسراء.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال:
(لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع)،
وقال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ...) وفي آخره:
(ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)، وقال
(عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).